مقطتفات من كتاب وجه تجلى فيه الحب ( انبا ابيفانيوس)

(ورد حديثاً للمركز(

جاء فى مقدمة الكتاب ( مقتطفات من كلمة قداسة البابا تواضروس فى جنازه نيافة الأنبا أبيفانيوس):
 
فى حياة نيافة الأنبا أبيفانيوس نتعلم الكثير والكثير.
 أود أن أضع أمامكم ثلاث صفات واضحة:
1- وداعة الحكمة
2- غزارة المعرفة
3- بساطة الحياة 
 
وداعة الحكمة
لم تكن الوداعة مجرد صفة ، ولكنها كانت ملتحفة أيضاً بالحكمة. 
كان حكيماً عندما تناقشه، فخبرته الطويلة كانت تعطيه هذه الحكمة، فضلاً عن كونها نعمة من الله.
كنت أسترشد به كثيراً فى القرارات التى كنت أتخذها .
ووداعة الحكمة ، صفة نادرة فى هذا الزمان، قد توجد الوداعة ولكن بلا حكمة.
 
غزير المعرفة
فى كل محاضراته ودراساته وأبحاثه. وفى المخطوطات التى قام بتحقيقها.
فى فترة حبريته (حوالى 5سنوات وعدة شهور) كلَّفتُه بأكثر من عشرين مؤتمراً يحضرها على مستوى العالم ليمثل فيها وجه الكنيسة القبطية .
وكان وجهاً مشرقاً ، وبالحقيقة استضاءت بمعرفته المسكونة. 
 
بساطة الحياة
قلايته تشهد على ذلك ، دائماً يأخذ المتكآت الأخيرة. 
وفى تعاليمه كان بسيطاً لم يضع الأمور الصعبة ولا المصطلحات الصعبة فى كلماته . 
 
إن لم نعتزَّ ونتعلم من هذا الأنسان الملائكى الطابع، الذى أهدته لنا السماء وجعلته كالمنارة منيراً ، فسوف نخسر كثيراً
 
هذا الأسقف المبارك أعطانا عظة كاملة بحياته ، وعلمنا كيف أن الحياة فى لحظة تنتهى 
هو مات بالحقيقة ، 
ولكن عائش فى قلوبنا . فالذين نحبهم لايموتون ،
 بل يعيشون فى قلوبنا ، 
ويعيش فى ذاكرة الكنيسة ،
 وفى ذاكرة الدير ،
 وفى ذاكرة الأحباء
 
يعيش ويصير لنا شفيعاً ومصلياً من أجل ضعفنا ومن أجل آلامنا ، ومن أجل توبتنا. 
 
طوباك أيها الأسقف المبارك،
 وطوبى لرهبنتك ولأسقفيتك وكهنوتك وخدمتك
 وطوبى للنموذج الذى قدمته.
كما جاء فى رثاء الانبا يوسف:
"اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ! (2صم ١ : ١٩)
 
هكذا يحلو لى أن أقتبس كلمات داود النبى راثياً وباكياً أسقفاً جليلاً أُهرقت دماؤه بغدر وغِلَّ على أعتاب قلايته.
 
 تلك القلاية التى شهدت على مدار سنوات طويلة كتابة فصول عديدة من رواية حب دافق لنفس رقيقةعذبه ، عزمت أن تنسكب سكيباً عند قدمى عريسها ، مصممة على أن تحتمل حتى النفس الأخير بصبر ومثابرة ووداعة ، كل صروف اتضاعها وإماتتها ، لكى تحضر الى عريسها كأعمدة من دخان معطرة بالمر واللبان وبكل أذرة التاجر. 
 
ياليت جدران قلايتك تتكلم فتخبرنا عن أسرار جهادك ، وأسهارك ، وأصوامك ، ومطانياتك، وأنكبابك على الدراسة والمعرفة، وكلمات دموعك ، وتنهدات نفسك ، وخفقات قلبك ، يا أبانا المطوب من قبل السمائيين والأرضيين.
 
 العقيدة والرأى والتفسير
 
يلزم أن تشمل أى دراسة فهم حياة العبادة الكنسية، 
لأن الحياة الروحية الكنسية السليمة، قائمة على عقيدة سليمة، 
وأستعلان العقيدة السليمة هو فى الممارسات الكنسية الحية.
 
+ التعريف اللغوى لمصطلح العقيدة والرأى والتفسير.
 
1- العقيدة :تترجم (دوجما ) باليونانية
 
ومعنى الكلمة : يبدو أو يظن أو يعتقد
وعند الآباء ( خاصة القديسين باسليوس الكبير ويوحنا ذهبى الفم) هى الحق المعلن بواسطة المسيح للكنيسة، لذلك هى تفوق تفكيرنا (البشرى). أى العقيدة تخضع لإعلان الله للبشر، وليس لمجرد التفكير والذكاء البشرى لتنسيق الأفكار. 
 
ونظراً لاستعمال الكلمة (دوجما) للقوانين الكنسية والمجمعية، صارت الكلمة هى التى تعبر عن العقيدة، 
وأصبح للكلمة قوة خاصة لأنها تعبر عن الإيمان الصحيح لتمييزه عن الإيمان غير الصحيح الذى للهراطقة ، وصار لزاماً على المسيحى مستقيم الرأى أن يؤمن بجميع التعاليم التى تندرج تحت كلمة العقيدة. 
 
2- الرأى
 
هى كلمة (جنومى) باليونانية ، وهو يعبر عن وجهة نظر معينة فى بعض الأمور الكنسية ، لكنها لاترقى لمستوى العقيدة.
كما جاءت فى كتابات ق. بولس الرسول:
+ وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي (رَأْيًا)...... (1كو ٧ : ٢٥).
 
+ أُعْطِي (رَأْيًا) فِي هذَا أَيْضًا، لأَنَّ هذَا يَنْفَعُكُمْ َ..... (2كو ٨ : ١٠)
 
وقد أختلف أراء آباء الكنيسة فى الكثير من المسائل الإيمانية التى لاتدخل تحت بند العقيدة ، مثل :
 متى تحل الروح الإنسانية فى الجنين؟ وطبيعة الحياة بعد الموت ؟ ... الخ.
 
3- التفسير
 
وهى كلمة (هرمينا ) باليونانية بمعنى تفسير أو شرح . وأنتقلت الى اللغات الحديثة بمعنى علم التفسير . وهناك مدارس للتفسير، سواء الرمزى أو التاريخى أو الروحى أو الحرفى أو التأملى. 
 
ويخلص نيافة الأنبا ابيفانيوس (بعد شرح مسهب فيما سبق):
 
 أن العقيدة ملزمة للجميع للإيمان بها ، والعمل بمقتضاها.
 
 أما الرأى فهو وجة النظر فى بعض الأمور الكنسية فى تفسير العقيدة، 
وقد أختلف الآباء فى كثير من الآراء.
 
 وأما التفسير فهو شرح الكتاب المقدس لآباء الكنيسة ، بحسب ما يعطى روح الله للمفسر، وبحسب إمكانيات المفسر والمتلقى ، وبحسب ظروف الزمان والمكان،
 
 وقد قبلت الكنيسة تفسيرات الآباء المختلفة بشرط إلا يتعارض هذا التفسير مع تعاليم وتقليد الكنيسة لا يصح إطلاقاً الإختلاف فى العقيدة، 
ولكن ليس هناك أى مشكلة فى الأختلاف فى الرأى أو التفسير.
 ولمزيد من التوضيح
قام نيافته بشرح هذا الموضوع اعلاه 
في محاضرة بالكلية الاكليريكية بالنمسا ( من خلال الرابط الاتي حتي الدقيقة ٣٣)

مقطتفات من كتاب رسائل تكوينية

(ورد حديثاً للمركز(

تكوين 7
فَمَحَا اللهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ: النَّاسَ، وَالْبَهَائِمَ، وَالدَّبَّابَاتِ، وَطُيُورَ السَّمَاءِ.
فَانْمَحَتْ مِنَ الأَرْضِ. وَتَبَقَّى نُوحٌ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ فَقَطْ. (تك ٧ : ٢٣)

فذاك الفلك ، تصميمى،
الذى كان يبنيه ذاك العجوز العاقل الوحيد فى مجتمع مختل، 2كو5 :13
والذى كان طوق النجاة الأوحد، هو نفسه كان قائماً وسط المازحين والساخرين منه يدينهم!
إذ كان – بطول وقت بنائه وبكمية العرق الذى ذرفه ذا الشيخ المؤمن –
يعرض عليهم فرصًا للإيمان، ثم يسلبهم كل عُذر مع كل مرة يرفضونه.

أفهمت يا ابنى لماذا الإيمان هو أهم شئ؟
ألا تستطيع أن تراه منسوجاً فى نسق كل قصة فى الكتاب؟
 لأنك لاترى.
لا ترى كم انغماسك فى الفساد،
لا ترى سرعة هرولتك نحو الهلاك ،
ولا ترى ثقل غضبى الذى تستجلبه عليك.

فبسقوطك،
انحبس وعيك فى سجن الجسديات،
وانحصر إدراكك بحصار الأرضيات ،
وحُدَّت بصيرتك بحدود بصرك
وصارت لغة الروح ومفردات الأبدية وآفاق الألوهة طلاسم وضباب.
فبدّلت مسميّات الأشياء وصدقتَ نفسك ،

أطلقت على الشهوة حباً،
وعلى الزنى متعةّ،
وعلى الكذب حسن تصرُّف،
وعلى الحلف أمانةً،
وعلى الغش ذكاءً
وعلى الزيعان والموت حياة.

تلذَّذتَ بموتك.
وتجاه الحياة، تجاهى ، لم تشعر سوى بالملل والبغض.
لذا،
لاتريد الإتيان الىّ من نفسك،
بصيرتك المعصوبة بعصائب الخطية – وعيناك التى قررت ألا تنفتح إلا بيد إبليس لتصير مثلى تك3: 5 – لاترانى،
وقلبك غير المختتن لا يحبنى،
ومنطقك الملوّث اعتاد إعقال الشر والبُعد،
وتذوُّقك استطعم الفساد ولم يعد يستسيغ جودتى.
فلا مخرج سوى الإيمان،
سوى أن تكذّب بصرك وقلبك ومنطقك وتذوّقك وميلك ومزاجك،
وتصدّقنى.

تكوين 14
وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا ِللهِ الْعَلِيِّ. (تك ١٤ : ١٨)

 جدير بالملاحظة أن أول كهنوت فى الكتاب المقدس هو كهنوت خبز وخمر.
ها هو أبرام، المدعوّ الموعود المختار المنتصر، يلقى بركةً من كاهن وملك ونبىٍ اسمه ملك البر (ملكى صادق أى ملك البر) .
خرج إليه من مدينة السلام (شاليم أى مدينة السلام) ويتناول من يده خبزاً وخمراً! ويقدم له ـ وهو يحمل له صلبه الكهنوت الهارونى واللاوى بأكمله بما أن هارون ولاوى من نسل أبرام ـ عشور كل شئ!! وهذا التعشير يدل على أن كهنوت ملكى صادق هو الأعظم. فلا خلاص ولا كمال بالكهنوت اللاوى عب7 :1-6
تذوق يا بُنى روعة المشهد. هذا الملك الكاهن قد مثَّل دور ابنى الحبيب بكفاءة عب7 : 3 ،
وبرع فى استحضار ابنى الحبيب الى المشهد مبشراً أياك بالسلام الذى صار لك معى ، رو5: 1
مغدقاً عليك من بره مقدماً لك بيديه دواءً الخلود: خبز لحمه وخمر دمه ذاك هو الملك الحقيقى، الكاهن الذبيح، النبى الذى يباركِك ببركة منى، فيجعلك تباركنى ، إذ بموته وقيامته وصعوده أرسل روحى ليسكن فيك ويجعل منك هيكلاً دائم التعبُّد 1كو3: 16 .
من هذه النقطة فصاعداً ، فلتعلم يا بُنى أنه يوجد من هو أعظم من إبراهيم، يو8: 53 – 58
ومن جميع نسله الوارثين وعودى له ، ولتنتظر مرور صفحات كتابك المقدس حتى تتقابل مع ملكى صادق الحقيقى.

شارك

Submit to FacebookSubmit to Google PlusSubmit to Twitter